سورة الأنبياء
  وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ٩٠ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا
  {إِذْ نَادَى رَبَّهُ} دعى ربه قائلاً: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} لا تذرني لا تتركني فرداً بلا ولد {وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} أي وأنا أعلم أنك خير الوارثين لكني أحب أن يكون لي ولد يرثني ويرث من آل يعقوب، ومعنى {وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} أنك تخلفني بأحسن الخلافة، وكذلك كل مؤمن، ومن أمثلة ذلك ما حكاه الله تعالى في (سورة الكهف): {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا}[الكهف: ٨٢].
  (٩٠) {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} لزكريا لم نذره فرداً {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} يحتمل عطفه؛ لأنه المطلوب على أكمل وجه فكأنه زيادة على المطلوب أو هو كالتفسير لاستجابة دعائه، ولعل هذا الإرتباط بقوله: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} هو سبب تأخير قوله تعالى: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} لأنه غرض غير متعين في دعاء زكريا، فكان نعمة زائدة مترتبة على دعائه.
  {إِنَّهُمْ كَانُوا} أي زكريا ويحيى وأم يحيى {يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} في الأعمال الصالحات، فكان لهم فضيلة المسارعة وفضيلة الخيرات، فاستحقوا النعمة المذكورة {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا} رغبة في فضل الله ورحمته {وَرَهَبًا} رهبة من عذابه ومن أسباب عذابه، وكذلك رغباً في نصر دينه ورهباً من غلبة المفسدين {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} متذللين منقادين مسلِّمين تسليماً.