سورة الأنبياء
  إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ٩٣ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ٩٤ وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا
  ولعله - أيضاً - معنى تسمية روح آدم إلا أنه صار اسماً للروح الخاص الذي به حياة البدن والفرق بين المعنيين أن أحدهما أعم من الآخر.
  وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ} أي دليلاً من دلائل قدرة الله تعالى وعلمه، فعيسى # ولد من غير أب، وتكلم في المهد بكلام حق وصواب، وخاطب بخطاب حكيم مر ذكره في (سورة مريم) وأمه حملت من غير نكاح، فكانا آيتين خارقتين للعادة، تدلان على قدرة جاعلهما كذلك وعلمه.
  (٩٢) {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} {إِنَّ هَذِهِ} الأمة التي مر ذكرها من موسى وهارون وإبراهيم $ وختم ذكرها بمريم وابنها كلها {أُمَّةً وَاحِدَةً} تعبد الله وحده وتدعو إلى عبادة الله وحده، فعليكم أن تتبعوهم وتقتدوا بهداهم فهم قدوتكم؛ لأنهم رسل الله ما خلا مريم، دعوتهم واحدة ومريم صديقة هي معهم أوتيت رشدها، وكلهم قدوة للبشر الموجودين والماضين في عصرهم وبعدهم، وقوله تعالى: {وَأَنَا رَبُّكُمْ} أي مالككم {فَاعْبُدُونِ} ولا تشركوا بي ما لا يملك منكم شيئاً.
  (٩٣) {وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} {وَتَقَطَّعُوا} عطف على قوله: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ} فمقتضى ذلك لو استعمل الناس عقولهم أن يتوحدوا في دينهم على ما جاءت به الرسل وعلى مقتضى عبوديتهم لله، ولكنهم تقطعوا {أَمْرَهُمْ} الذي جاءت به الرسل ودعتهم إليه، فأخذت كل فرقة قطعة منه وتركت غيرها من أمرهم الذي كان ينبغي أن تأخذ به كله، وقوله: {بَيْنَهُمْ} دلالة على تفرقهم فيما هو في الأصل مشترك بينهم.