سورة الأنبياء
  أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ٩٥ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ٩٦ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ
  قال بعض المفسرين: «فقوله: {وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} استعارة بالكناية والمراد به أنهم جعلوا هذا الأمر الواحد وهو دين التوحيد المندوب إليه من طريق النبوة وهو أمر وحداني قِطَعاً متقطعة وزعوه فيما بينهم أخذ كل منهم شيئاً وترك شيئاً ..» الخ.
  وقوله تعالى: {كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} كل المتفرقين إلينا إلى ملك الملوك راجعون وسيحكم بينهم، وجملة {كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} حالية فيما يترجح عندي، أي تفرقوا في حال أنهم إلينا راجعون كلهم.
  (٩٤) {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} {فَمَنْ يَعْمَلْ} تفريع على ذكر التفرق ورجوع الكل إلى الله، أو على ذكر الرجوع إلى الله {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ} ما أوجب الله عليه {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} يبعثه إيمانه على اجتناب الإصرار على المعاصي {فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} لا يلغى بلا ثواب، والكفران هنا مقابل الشكر فنفيه إثبات للشكر؛ لأن العامل هذا مؤمن تقي {وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} فلا يضيع، يحتمل {كَاتِبُونَ} معنى: أنا نحفظه ولا ننساه كما لا ينسى المكتوب، ومعنى أنا نأمر الحفظة أن يكتبوه.
  (٩٥) {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} لا يصح لهم أن هلاكهم في الدنيا وعذابهم العاجل يكفي من عذابهم ويغني عن رجوعهم في الآخرة للحساب والجزاء حرام عليهم {أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} بل رجوعهم محتوم لا بد منه {كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} من عجل عذابه، ومن لم يعجل.