التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 613 - الجزء 4

  أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ٩٧ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ


  وفي هذا العصر يمكن أن قد صاروا شعبين ولا يحتاجون إلى الخروج على زرع من حولهم وصاروا قبائل متعددة بأسماء مختلفة غير اسمي ياجوج وماجوج، وقد نسي هذان الإسمان لطول المدة وكثرة الذراري.

  فظهر أن المراد: فتح بلاد ياجوج وماجوج وأن ذلك من علامات قرب الساعة، وأن عند ذلك تهلك قرى، وحرام عليهم أنهم لا يرجعون، فهي حروب عالمية مدمرة يكون هلاك القرى فيها هو نهاية الهلاك للقرى وغايته وليس بعده بناء قرى أي مدن بل تقوم القيامة قبل أن يتهيأ ذلك - والله أعلم.

  وأما قوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} فالحدب المرتفع من الأرض، وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): «معناه: من كل نشز وارتفاع و {يَنْسِلُونَ} معناه: يعجلون في مسيرهم» انتهى، ونسولهم من كل مرتفع يناسب ذلتهم بعد فتح بلادهم وخوفهم لأجل قوله تعالى: {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ} ولم يقل: في كل حدب، فهم إذا صاروا في مرتفع خافوا أن يراهم أعداؤهم فنسلوا - والله أعلم.

  (٩٧) {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} الذي هو القيامة عند فتح ياجوج وماجوج وهلاك القرى {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ففاجأتهم القيامة وأهوالها فشخصت أبصارهم صارت متجهة إلى جهة كالمحتظر قائلين: {يَا وَيْلَنَا} حين رأوا أنهم قد صاروا في الآخرة، وأنهم صائرون إلى العذاب: {قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} ولكن ليست غفلتهم لعدم الإنذار، فقالوا: {بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} لأنه قد جاءهم النذير، فكذبوا وقالوا: {مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ}⁣[الملك: ٩].