التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

تقديم

صفحة 26 - الجزء 1

  ومؤنساً لقرنائه لا يُمَلُّ، وسليماً لمن صحبه لا يَغِلُّ، ونصيحاً لمن ناصحه لا يغشّ، وأنيساً لمن آنسه لا يوحش، وحبيباً لمن حآبَّهُ لا يبغض، ومقبلاً على من أقبل عليه لا يعرض، يأمر بالبر والتقوى، وينهى عن المنكر والأسواء، لا يكذب أبداً حديثاً، ولا يخذل من أوليائه مستغيثاً، إن وعد وَعْداً أنجزه، أو تعزَّز به أحدٌ أعزه».

  ثم يوصينا ويرشدنا # إلى الإهتداء بالقرآن والمحافظة عليه والاستفادة منه بقوله: «فاتخذِوه هادياً ودليلاً، واجعلوا سبيله لكم إلى الله سبيلاً، حافظوا عليه ولا ترفضوه، واتخذوه حبيباً ولا تبغضوه، فإنه لا يحب أبداً له مبغضاً، ولا يُقبل على من كان عنه معرضاً، ولا يُهدَى إليه من عاداه، ومن تعامى عنه أعماه، ولا يبصر ضياءه إلا من تأملَّه، ولا يُعْطِي هداه إلا أهله، من ضل عنه أضله، يُقلَّد جَهْلَه مَنْ جَهِلَه، إن أُدبِر عنه أَدبر، أو أُقبِل عليه بصَّر ..

  إلى قوله: يعطي من قَبِلَ عطاه، ويمنع من أبى قبول هداه، يَقرُب لمن ارتضاه، ويَشْسع عمن سخط قضاه، يَعْلَنُ لأوليائه ويَظْهَر، ويكتتم عن أعدائه ويستر، نور هدىً على نور، وفرقان بين البِرِّ والفجور، أرشدُ زاجرٍ وآمرٍ، وأعدل مقسط ومعذِّر، يوقظ بزجره النُّوَماء، ويعظ بأمره الحكماء، ويُحيي بروحه الموتى، ولا يزيد من مات عنه إلا موتاً، يعدل أبداً ولا يجور، وكل أمره فَقَدرٌ مقدور، ظاهره ضياء وبهْجَة، وباطنه غور ولجّة، لا يُملك حَسنُ أنواره، ولا يُدرك باطنُ أغواره، فمن ظهر لظاهر مَنَاظِره، رأى أعاجيبه في موارده ومصادره، ومن بَطُنَ لمستَبطَنِه، رأى مكنون محاسنه، من غرائب علمه، وأطايب حِكَمِه، لبابُ كل لباب، وفصل كل خطاب، وحكمه من حكم رب الأرباب.