التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 620 - الجزء 4

  لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ١٠٦ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ١٠٧ قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ١٠٨


  وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ..} الآية [النور: ٥٥] وقال تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}⁣[الإسراء: ٨١].

  فعلى هذا: تكون هذه بشرى لداود #، ولنبينا محمد ÷، بالتمكين في الأرض في حال أنه بمكة ومن معه مستضعفون، وهذه السورة (مكية) وإن كان فعل (يرث) بمعنى الإستقبال احتملت معنيين: البشارة بالتمكين في هذه الأرض لداود # ولمن بعده من الصالحين، وذكرت لشمولها نبينا ÷ وشمولها للصالحين من أمته، واحتملت: البشارة بالجنة بأرض الجنة، والأول عندي أقوى أي أن يرث هو فعل العادة - والله أعلم.

  (١٠٦) {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} {إِنَّ فِي هَذَا} البيان للحق من أول السورة {لَبَلَاغًا} إما بلاغاً للحجة على المشركين وإما كفاية في إبطال الشرك وإثبات الرسالة وسائر فوائد السورة، وقوله تعالى: {لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} أي عابدين لله وحده، فهم الذين ينفعهم هذا البلاغ، أو فهم الذين نفعهم هذا البلاغ، وهذا أرجح لأن بعضهم كانوا مشركين فآمنوا حين سمعوا كلام الله وانتفعوا بما فيه من الحجج.

  (١٠٧) {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} لتدعوهم إلى النجاة من النار والفوز بالجنة وتخرجهم من الظلمات إلى النور لتعلمهم الكتاب والحكمة وتزكيهم، فمن اهتدى فلنفسه، ومن ضل فمن عند نفسه أُتِي؛ لأنه جاءته الرحمة فلم يقبلها.