سورة الفرقان
  أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ٣٧ وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا ٣٨ وَكُلًّا ضَرَبْنَا
  كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا} حين جاءهم بها موسى {فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} أهلكناهم إهلاكاً بسبب تكذيبهم بآياتنا.
  وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ} أي أرسلناه معه {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ}[يونس: ٧٥] {فَقُلْنَا اذْهَبَا} فقوله تعالى: {فَقُلْنَا} تفريع على قوله: {وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ} لا على إيتاء موسى الكتاب، فالسياق لبيان سنة الله تعالى في إنزال الكتب وإرسال الرسل وسنة الله تعالى في تعذيب المكذبين، فقوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} في الموضوع الأول وما بعده في الموضوع الثاني.
  (٣٧) {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا} هذه الآية جمعت الكلام في الموضوعين: الإرسال للرسل، والتعذيب للمكذبين باختصار، وقوله تعالى: {لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ} إما أنهم كذبوا بالرسالة للبشر فكان معناه أنهم كذبوا الرسل كلهم لأنهم بشر، وإما أنهم قالوا: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ}[المؤمنون: ٢٤] وكانت قد خلت من قبلهم رسل إن كان كذلك الأمر والله أعلم، وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً} كان إهلاكهم بالإغراق آية للناس تدل على أن الله تعالى لم يهمل عباده بل إنه يجازي كلاً بعمله كما أنها كانت من دلائل قدرة الله تعالى وعلمه.
  وقوله تعالى: {وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ} إما أقيم الظاهر مقام المضمر أي أعتدنا لهم، وفائدته التعليقُ على الظلم كله لا مجرد التكذيب، وإما أعتدنا للظالمين كلهم قوم نوح وغيرهم فهم داخلون في العموم دخولاً أولياً والكل معذبون على التكذيب وسائر ظلمهم.