التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفرقان

صفحة 209 - الجزء 5

  لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا ٣٩ وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا ٤٠


  (٣٨ - ٣٩) {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا ۝ وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا} قوله تعالى: {وَأَصْحَابَ الرَّسِّ} قال فيه الشرفي في (المصابيح): «قال الحسين بن القاسم #: معناه: أصحاب البئر الذين قتلوا نبيهم ~ في الرس وهي البئر القليلة الماء إذا حفرت ولم تطوَ فهي الرس، قال زهير:

  بكرن بكوراً واستحرن بسُحْرةٍ ... فهن وواد الرس كاليد في الفم

  انتهى، والبيت في (المعلقات السبع) بلفظ: «كاليد للفم» وفي (أساس البلاغة): «ووقع في الرس في البئر التي لم تطو» انتهى.

  وقوله تعالى: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} قال الراغب: «القرن: القوم المقترنون في زمن واحد، وجمعه: قرون» انتهى، فهم أمم سبيلها سبيل عاد وثمود، وقوله: {بَيْنَ ذَلِكَ} أي بين المذكورين {كَثِيرًا} ولعلهم من بعد ثمود، وقبل فرعون وقومه {وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ} هديناهم للحق بالكتب والرسل التي بينا بها الحق {وَكُلاًّ تَبَّرْنَا} أهلكناً {تَتْبِيرًا} إهلاكاً، قال في (لسان العرب): «والتبار: الهلاك وتبّره تتبيراً أي كسّره وأهلكه» انتهى.

  (٤٠) {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا} {الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ} هي قرية قوم لوط، قال الشرفي في (المصابيح): «هي سدوم» انتهى {مَطَرَ السَّوْءِ} مطر الأحجار الذي عذبوا به، فقريش قد أتوا على هذه القرية في سفرهم كما قال تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ ۝ وَبِاللَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}⁣[الصافات: ١٣٧ - ١٣٨].