سورة الفرقان
  وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا ٤١ إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا ٤٢ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ
  وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا} بل قد كانوا يرونها وفيها عبرة لهم ولكنهم غافلون {بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا} لا يرجون حياة بعد الموت فلا يخافون النار ولا يرغبون في الجنة؛ ولذلك فهم منهمكون في طلب حاجات دنياهم، قال الشرفي في (المصابيح) في تفسير {بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا}: «أي لا يأملون ولا يظنون النشور» انتهى المراد.
  والحاصل: أنهم لا يخافون الآخرة، ويمكن إبقاء الرجاء على حقيقته لأن الذي يخاف الآخرة هو الذي يرجو رحمة ربه، وهو صاحب الضمير الحي والفطرة السليمة، فيكون قوله تعالى: {بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ} كناية عن فسادهم بنفي صلاحهم.
  (٤١ - ٤٢) {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا} {وَإِذَا رَأَوْكَ} أي الذين مر ذكرهم من أول السورة واتخذوا من دونه آلهة، وإذا رأوك يا رسول الله {إِنْ يَتَّخِذُونَكَ} ما يتخذونك {إِلَّا هُزُوًا} كفراً منهم ومعاندة للحق، فيقولون: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا} تحقيراً له وادعاء أنه ليس أهلاً لذلك {إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا} وهم يتظاهرون بالإنصاف وعدم التعصب والعناد {لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا} أي حبسنا أنفسنا على آلهتنا لنبقى على عبادتها، وهم في هذا يوهمون أنه قد اتضح لهم أنه ليس رسولاً فيقال لهم: لماذا؟ ما الذي أوجب هذا الكلام؟