سورة الفرقان
  أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ٤٣ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ٤٤ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ
  هل تخلف عن صفة الرسالة؟ أم نزل عليكم وحي؟ أم ماذا؟ بل هو العناد والتضليل والكذب لا غير، ولذلك فمصيرهم العذاب {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا} وهم هم أضل سبيلاً؛ لأنهم عدلوا عن سبيل الله ولو آمنوا بالرسول واتبعوه لنجوا من العذاب.
  (٤٣ - ٤٤) {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} {اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} عبد هوى نفسه؛ لأنه اتخذ إلهه ما يهواه لأنه يهواه لا لحجة ولا شبهة بل لمجرد هواه {أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} لترده عن باطله وتهديه إلى الصواب، مع أنه لا يتقيد بحجة ولا يلتفت إلى طريق حق؛ لأنه لا يلتزم بشيء إلا هواه، فلا سبيل لهدايته فلا تكون عليه وكيلاً لتهديه.
  {أَمْ} بل أتحسب {أَنَّ أَكْثَرَهُمْ} أكثر هؤلاء الكفار {يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ} أي أكثرهم لا يسمعون؛ لأنهم يكرهون سماع الحق فهم معرضون عن استماعه ولذلك لا يسمعون ولا يعقلون؛ لأنهم لا ينظرون ليعرفوا الحق بل هم معرضون عن النظر مهملون لعقولهم {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ} لإهمالهم أسماعَهم وعقولهم، فكأنهم لا يسمعون ولا يعقلون كالأنعام {بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا} أضل من الأنعام سبيلاً؛ لأن الأنعام لا إثم عليها ولا يقبح منها عدم السمع للحق ولا عدم العلم به؛ لأنه لا عقول لها، أما هؤلاء الكفار فإن لهم عقولاً ولكنهم أهملوها فقبح منهم الإعراض فكانوا أضل من الأنعام عن سواء السبيل.