سورة الفرقان
  وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ٤٧ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ٤٨ لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ٤٩ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ٥٠ وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي
  (٤٧) {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} {لِبَاسًا} يستر الأبدان من شعاع الشمس ويحفظ لها رطوبتها {وَالنَّوْمَ سُبَاتًا} قطعاً للأعمال فتكون به راحة جسدية وفكرية يستعيد بها الإنسان ما نقص من قوته بالكد في النهار والأعمال الفكرية {وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} ينتشر الناس فيه لطلب المعاش، فهو الذي جعل هذه الثلاث نعمة للإنسان ورحمة.
  (٤٨ - ٥٠) {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ نُشُرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} {نُشُرَاً} النشر ضد الطي، قال تعالى: {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ}[الطور: ٢ - ٣] والرياح تثير في الجو سحاباً، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ}[الروم: ٤٨] فإما أن يكون معنى {نُشُرَاً} أنها تنشر السحاب في الجو، وهذا أقرب إلى الحقيقة، وإما أن يكون معنى {نُشُرَاً} أنها تسبب للمطر وبذلك تنشر الرحمة، والأول أرجح عندي، وقوله تعالى: {بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} أي بين يدي المطر الذي هو رحمة أي قبل المطر فهي تبشر به، هذا على قراءة {نُشُرَاً} بـ (النون) فأما على قراءة {بُشْرًا} بالموحدة من أسفل فمعناه سبب بِشرٍ؛ لأنها تبشر، كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ}[الروم: ٤٦] أي بالمطر.