التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفرقان

صفحة 216 - الجزء 5

  أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ٥٣ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ٥٤ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ


  عن إرسال نذير واحد إلى القرى كلها، فليس ذلك عجيباً في قدرة الله تعالى ولا بعيداً في قدرته وحكمته وفضله على عباده ورحمته {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ} بترك إنذارهم على شركهم وأعمال جاهليتهم وتكذيبهم {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ} أي بالقرآن الذي فيه الإنذار والاحتجاج عليهم {جِهَادًا كَبِيرًا} يفيده الصبر والجد واليقين بأنك على الحق، فلا يصدنك بتكذيبهم وأذاهم وتخويفهم، وفي الآية دلالة على الجهاد بالحجة إذا كان بمثابرة ومصابرة فهو جهاد كالجهاد بالسلاح وله فضل الجهاد إلا أن فضل الجهاد متفاوت.

  (٥٣) {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} حكى الشرفي في (المصابيح) في تفسير (سورة الرحمن): «عن الهادي # أنه قال: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ}⁣[الرحمن: ١٩] معناه: خلقهما وجعلهما وبعثهما وأجراهما وأساحهما على وجه الأرض ..» إلى قوله: «والبحران فهما البحر المالح والبحر العذب، وهو الذي يسمى دجلة والبحر المالح الذي بمصر إلى فارس، وهما يلتقيان بموضع يقال له رأس نهر السد عند مقصاه من البصرة، ومعنى {يَلْتَقِيَانِ} فهو جعلهما يلتقيان ويصطدمان فقدّرهما سبحانه على ذلك من الشان فيلتقي البحران حتى ينظر إليهما الناظر بالعينين، وتقف السفن على ملتقاهما، فينظر شق السفينة هذا أخضر وشقها هذا أبيض، تشرب من يمينها مالحاً ومن يسارها عذباً، ليس بينهما سبب يحجزهما» انتهى المراد.