سورة الفرقان
  
  وكنت أظن أن (مجمع البحرين) عند البلدة المسماة (البحرين) فوصل إليَّ رجل من أهلها فسألته عن (مجمع البحرين)؟ فأفادني أنه مقابلها بإزائها وأنهما ملتقيان لا فاصل بينهما كما حققه الإمام الهادي #.
  وقوله تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا} فيما حكاه الشرفي عن الإمام الهادي # في تفسير (سورة الرحمن) أنه قال: «والبرزخ، فهو فعل الله تبارك وتعالى فيهما وتقديره لالتقائهما واصطدامهما وما حجرهما به من قدرته سبحانه عن اختلاطهما» انتهى المراد، فالبحر حائل معنوي، والحجر المحجور، الحجر بفتح أوله وسكون ثانيه: هو المنع، أي أن الله ﷻ جعل بينهما مانعاً من اختلاط العذب بالملح الأجاج بقدرته، وقوله تعالى: {مَحْجُورًا} تأكيد ودلالة على بقاء المنع واستمراره، كأنه ممنوع من الذهاب - والله أعلم.
  قال الراغب: «{وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} أي منعاً لا سبيل إلى رفعه ودفعه» انتهى.
  وقال (صاحب الكشاف): «فإن قلت: {وَحِجْرًا مَحْجُورًا} ما معناه؟ قلت: هي الكلمة التي يقولها المتعوذ [وقد فسرناها عند قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا}] وهي هاهنا واقعة على سبيل المجاز، كأن كل واحد من البحرين يتعوذ من صاحبه ويقول له: حجراً محجوراً، كما قال: {لاَ يَبْغِيَانِ}[الرحمن: ٢٠] أي لا يبغي أحدهما على صاحبه بالممازجة فانتفاء البغي ثمة كالتعوذ هاهنا، جعل كل واحد منهما في صورة الباغي على صاحبه فهو يتعوذ منه، وهي من أحسن الاستعارات وأشهدها على البلاغة» انتهى، وقوله: «جعل كل واحد في صورة الباغي» لعله يعني: إن خالطه فقد بغى عليه.