سورة الفرقان
  مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ٥٥ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ٥٦ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ٥٧ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ
  (٥٥) {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا} {يَعْبُدُونَ} عطف على دلائل قدرة الله تعالى وعلمه وإنعامه على عباده، فذلك يقتضي أن يعبدوا الله وحده ولكنهم مع ذلك على خلافه يعبدون {مِن دُونِ اللهِ ما لَا يَنفَعُهُم} فيشكروه ويزدادوا بعبادته نفعاً منه لهم {وَلَا يَضُرُّهُم} فيعبدوه اتقاء ضره بل لا يحتاجون إلى عبادتهم مع كونها باطلاً من حيث ان ربهم الله وحده، ومن يعبدونهم عباد أمثالهم لا يملكون منهم شيئاً.
  {وَكَانَ الكَافِرُ عَلَى رَبَّهِ ظَهِيراً} معيناً لأعدائه من شياطين الجن والإنس، لأن الكافر يجحد الحق ويدّعي الباطل، وهو ما يدعو إليه أعداء الله، ولأن الكافر يكفر نعمة الله وهو ما يريد إبليس، حيث قال: {وَلاَ تَجِدُ أَكثَرَهُم شَاكِرِينَ}[الأعراف: ١٧]
  (٥٦) {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ} يا محمد {إِلا مُبَشِّرًا} للأبرار بالجنة {وَنَذِيرًا} للفجار بالجحيم ليس عليك أن يهتدي المشركون.
  (٥٧) {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا} {قُلْ} يا رسول الله لهؤلاء المكذبين {مَا أَسْأَلُكُمْ} على ما جئتكم به من عند الله {مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} قليل أو كثير لكن {إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا} أسأله أن ينفع نفسه باتخاذه السبيل إلى ربه ليتقرب إليه بعبادته، وهذه الآية تفيد معنى قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ}[الطور: ٤٠] فليس لكم ما تَعَلَّلون به في دفعكم لما جئت به.