سورة الفرقان
  بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ٥٨ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ٥٩ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ٦٠ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ
  وقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا} يبين أن سؤاله منهم المودة في القربى ليس إلا لينفعوا أنفسهم؛ لأن ذلك يعينهم على التمسك بكتاب الله وعترة رسول الله ÷.
  (٥٨) {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا} {وَتَوَكَّلْ} يا رسول الله {عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} فهو نعم الوكيل، فبلغ الرسالة توكلاً على الحي الذي لا يموت ولا تضعف عنها أو تقصر لأجل كثرة المكذبين وعداوتهم لك وغضبهم من دعوتك كما تفيده هذه السورة؛ لأنك تتوكل على ربك الحي الذي لا يموت لا كالمشركين الذين يرجون النصر من أصنامهم التي هي جماد لا تسمع ولا تبصر.
  {وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} ذكراً له وشكراً وتنزيهاً له عما يقول المشركون {وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا} عليماً بظاهرها وباطنها وبمقاديرها في قبحها؛ لأنه بكل شيء عليم لا يخفى عليه شيء فهو يعلم ما يقول المشركون وما يكسبون من الذنوب من الشرك والتكذيب والظلم.
  (٥٩ - ٦٠) {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا}.
  {الَّذِي} مبتدأ خبره الرحمن {الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ} {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} هو الدليل الذي يعرف به الرحمن؛ لأنه إنما يعرف