سورة الفرقان
  بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ٦١ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
  بآياته فخلقه للسموات والأرض وتصرفه المحكم فيهما وتدبيره لشأنهما وشأن ما فيهما وما بينهما من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار هو الدليل على أن خالق السموات والأرض ومدبر الأمور هو {الرَّحْمَنُ} الذي له الخلق والأمر؛ لأنه دليل على قدرته وعلمه وحكمته وغناه ورحمته التي تجلت في إنعامه على عباده بما خلق {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} اسأل عنه واطلب معرفته من خبير عالم به وبما هو خفي من مدلولات أسمائه {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} بالرحمن خبيراً بما تحتاج إلى معرفته، فالله هو العليم الخبير يعرف بما بيّن في كتابه ثم بتعليمه للرسول وأعلام الهدى من آله ليدلك الخبير الذي تسأله على الرحمن بآياته ويبين لك طرق المعرفة ووجوه الاستدلال الذي به تستفاد المعرفة الكافية.
  {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ} للمشركين المكذبين للرسول ÷ إذا قيل لهم: {اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ} واعدلوا عن عبادة الأوثان {قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ}؟ كما قال فرعون: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء: ٢٣]؟ تجاهلاً منهم وهم جاهلون بالله محتاجون لمعرفته ليؤمنوا برسوله ويتركوا الشرك {قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} زادهم الأمر بالسجود للرحمن نفوراً إلى نفورهم من الآمر الذي ينهاهم عن الشرك، ويقول: لا إله إلا الله.
  والدليل على أنهم لا يعرفون الله جحدهم للبعث بعد الموت {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}[يس: ٧٨] فمن لم يعلم أن الله على كل شيء قدير فلم يعرفه، وكذلك من لم يعلم أن الله تعالى لم يخلق السموات والأرض باطلاً ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك.