سورة الشعراء
  يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ٧ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ٨ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ٩ وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ
  (٥) {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ} ذكر من الرحمن يدعوهم به الرحمن إلى رحمته فكلما جاءهم ذكر كانوا عنه معرضين مستمرين في الإعراض، فالآيات القرآنية تتلى عليهم يتلوها الرسول ÷، وكلما نزلت آية وتليت عليهم أعرضوا عنها غافلين عن قدرة الله عليهم وعما أعد لهم من العذاب الذي أنذرهم الرسول والقرآن، وتكرر نزوله عليهم.
  (٦) {فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} كذبوا الرسول ÷، وكذبوا بالذكر، وبما جاءهم من الآيات فسيأتيهم الوعد الذي وعدوه في الذكر الذي كانوا به يستهزئون، أي يأتيهم مدلول النبأ لأنها قد وقعت منهم الجريمة الكبرى، جَرَّهم الإعراض عن الذكر إلى التكذيب فوقعوا في التكذيب المؤدي إلى العذاب، كما أداهم إلى الاستهزاء بالذكر الاستهزاء المؤدي إلى العذاب.
  (٧) {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ} من كل نوع لأن الأغذية من الحبوب والفواكه يكون الجنس منها صنفين أو أكثر، كما نشاهده في أصناف الحبوب وأصناف الأعناب وغيرها، فكل صنف زوج، والكَرَم الزيادة المحمودة في صفة الشيء، قال الراغب: «وكل شيء شَرُف في بابه فهو يوصف بالكرم» انتهى.
  فالكرم فضل شيء على شيء، وهكذا أنواع النبات وأنواع الثمرات متفاضلة، وهذه الأزواج في الأرض نعم من الله على عباده توجب شكره، واتباع رسله، والحذر من الإعراض عن آيات الله، والتكذيب بها.