التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشعراء

صفحة 243 - الجزء 5

  ٢٣ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ٢٤ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ٢٥ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ٢٦ قَالَ


  فالحاصل: أن سببها الظلم الكبير منك لبني إسرائيل، فهي مغمورة بالظلم والعدوان الذي هو سببها، فلا يصلح لك أن تمنها علي بل مَنّها باطل.

  وقال الشرفي في (المصابيح): «قال في (البرهان): ولم يكن بالحقيقة لفرعون على موسى نعمة لأن الذي رباه بنو إسرائيل بأمر فرعون لاستعباده لهم، فأبطل موسى نعمته لبطلان استرقاقه، والتعبد الاسترقاق سمي بذلك لما فيه من الإذلال من قولهم: طريق معبّد» انتهى المراد. ولعل أصله والتعبيد: الاسترقاق ... الخ.

  وكلام (صاحب البرهان) قريب لأن الله تعالى يقول: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ ..} الآية [القصص: ١٢] فلم تقع له تربية إلا عند أمه، فالنعمة منها لا من فرعون، وإنما مَنّها لأنها بأمره لاستعباده لبني إسرائيل، فهو يمن عليه ما هو ظلم، والحاصل على كلام (صاحب البرهان): وتلك التربية نعمة ليست منك إنما تمنها لأنك أمرت بها أمي في إطار تعبيدك لبني إسرائيل، وهذا المعنى أرجح وبعد أن قالا لفرعون: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} تجاهل عدو الله فقال ما حكاه الله تعالى:

  (٢٣) {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} سؤال عن جنسه والله تعالى هو الذي خلق الأجناس لا يجانس شيئاً فأجابه بذكر الدليل على {رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

  (٢٤) {قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} فالله يُعرف بآياته الدالة عليه، ولا يعرف بذكر جنس أو عين تشاهد هي أو نظيرها سبحانه وتعالى.