التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشعراء

صفحة 244 - الجزء 5

  إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ٢٧ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ٢٨ قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ


  وقوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} معناه: الدليل هذا يفيد: اليقين بالله لمن شأنه أن يوقن سواء أيقنتم أم لم توقنوا لإعراضكم وإهمالكم عقولكم.

  (٢٥) {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ} تعجب من كلام موسى؛ لأنه كلام غريب على مسامعهم، وعلى قلوبهم فاستغلّ ذلك ليعرض عنه هو وقومه من حيث دلالته على الله ويتشاغلوا بالتعجب منه.

  (٢٦) {قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} زاد موسى دليلاً على الله هو نفس خلق فرعون وقومه وآبائهم الأولين وعبر عنه بالربوبية التي هي لازمه ليذكرهم بوجوب طاعتهم لله لأنه المالك لهم ولآبائهم الأولين، لأنه الذي خلقهم.

  (٢٧) {قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} قال فرعون ذلك عناداً وتمرداً وكذباً متعمداً لعجزه عن رد الحجة، وقوله: {إِنَّ رَسُولَكُمُ} استهزاء به، وكذلك قوله: {الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ} يعني أن المجنون لا يكون رسولا.

  (٢٨) {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} تابع موسى لفرعون ذكر الدلائل على الله إجابة على قوله: {مَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} ولكن عدو الله أعرض عن ذلك كله ودلالة المشرق والمغرب على الله من أوضح الدلالات؛ لأن للصيف مشرقاً وللشتاء مشرقاً، وهي مواضع شروق الشمس، وهي مرتبة على طريقة محكمة لأن الشمس تكون في المنزلة ثلاثة عشر يوماً إلا منزلة واحدة في السنة تكون أربعة عشر يوماً نظام مستمر لا يتخلف ترتيبه، وذلك دليل على العليم القدير، الذي قدر المشارق على ذلك النظام المرتب.