التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشعراء

صفحة 245 - الجزء 5

  مِنَ الْمَسْجُونِينَ ٢٩ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ٣٠ قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ٣١ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ٣٢


  وكذلك مغارب الشمس: للصيف مغرب ينقسم إلى مغارب، وللشتاء مغرب ينقسم إلى مغارب، وتنقّل الشمس في مشارقها يشاهد في الصيف والشتاء، ففي الصيف تكون مشارقها في شمال المشرق، وفي الشتاء تكون في جنوب المشرق، وفي الصيف تكون مغاربها في شمال المغرب، وفي الشتاء تكون مغاربها في جنوب المغرب، والمشارق متواصلة فلذلك يصح اعتبارها مشرقاً واحداً بهذا الاعتبار، ومشرقين باعتبار الصيف والشتاء، ومشارق باعتبار تعدد منازل الشمس وتعدد مشارقها تبعاً لذلك، وكذلك المغارب، وقوله: {وَمَا بَيْنَهُمَا} أي ما بين المشرق والمغرب مالكه هو الله الذي خلقه، وقوله: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} أي إن ذلك دليل على الله رب العالمين لا يخفى على من نظر بعقله، فالمخاطبون إن نظروا عرفوا الله رب العالمين، وإن أعرضوا فاللوم عليهم، والحجة قائمة عليهم.

  (٢٩) {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} انقطع عدو الله ولجأ إلى الوعيد والتهديد لأنه لم يجد جواباً عن الدلائل، ولكنه في تهديده تجاوز الحد في طغيانه فقد كان يكفيه للرد والمكابرة إنكار الرسالة لا أمره برفض رب العالمين، واستبداله بفرعون اللعين، ولكن موسى (#) لم يتركه بل أوقعه في مضيق لم يجد منه ملجأ.

  (٣٠) {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ} فهو في هذه الحالة إن قال: ولو جئتني بشيء مبين اعترف بالعناد والمكابرة، فلم يجد بداً من طلب هذا الشيء المبين الموضح لصدق موسى في دعوى الرسالة.