التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشعراء

صفحة 250 - الجزء 5

  السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ٤٦ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ٤٧ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ٤٨ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ٤٩ قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ٥٠ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ


  ويحتمل: اعتبار الحبال والعصي في تخيلها تسعى هي الإفك لتعلقه بها، وهذا هو الموافق للرواية فأما جعل الحبال والعصي مأفوكة فهو بعيد لأن المأفوك أعين الناس، كما قال تعالى: {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ}⁣[الذريات ٩ - ٨] وقال تعالى: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ}⁣[الأعراف: ١١٦] فالمأفوك: هو المسحور لا ما يتخيل مقلوباً عن حقيقته لأنه غير مقلوب في الواقع، فلا يصح تقدير ما موصولة والعائد عليها ضمير مقدر، كأنه قيل: ما يأفكونه مع أن الأصل عدم التقدير، فكان جعلها مصدرية هو الصحيح.

  (٤٦ - ٤٨) {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ۝ قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} ألقتهم الآية العظمى التي لأجلها عرفوا الحق فخضعوا له، وخروا لله سجداً في وقت واحد كأنهم ألقوا أي رمي بهم في الأرض، وطُرحوا طرحاً لسرعتهم في خرورهم ساجدين {قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} لأنه الذي جاء بالآية على يدي موسى، وجعل عصاه تلقف ما يأفكون، وقالوا: {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} زيادة بيان في وقت يدعي فيه اللعين الربوبية، وفي قولهم: {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} إشارة إلى الإيمان بهما رسولين من رب العالمين.

  (٤٩) {قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} كأن فرعون جعل الرجوع إلى السحرة وسيلة لتطويل النزاع وفتح باب الجدل،