التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشعراء

صفحة 251 - الجزء 5

  لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ٥١ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ٥٢ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ٥٣ إِنَّ


  وقد علم أن ما جاء به موسى آية سماوية، ولكنه أصر على دعواه أنه سحر، وحين علم أن السحرة سيُغلبون، أو أنه يمكن أن يغلبوا أعد لنفسه هذا الجدل، ودعوى أن السحرة اتفقوا مع موسى على أن يجعلوا سحرهم ضعيفاً ليغلبه موسى لكنهم لو اتفقوا لبلغ فرعون خبرهم، وطردهم ولم يقبلهم، ويعدهم أجراً وتقريباً لديه، لأنهم كثير من بلدان مختلفة، ومثل ذلك لا يخفى على فرعون، ولأن الحاشرين لهم لا بد أن يكونوا معهم حتى يوصلوهم محل الاجتماع يوم الزينة، فكيف لا يبلغون فرعون لو وقع ما زعم.

  ويدل على جرأته على الكذب في قوله: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} إن موسى كان غائباً عن بلد فرعون هارباً من بعد قتله للقبطي، وكان غيابه نحو (ثمان سنين) على أقل تقدير، ولم تظهر على يده آية العصى إلا بعد رجوعه من غيابه، فمتى علم السحرة.

  وقوله: {فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} أي ما ينالكم من أجل ما صنعتم، وفسره بقوله: {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ..} إلى آخره. قال الشرفي في (المصابيح): «الصلب: أن يمدّ الرجل على خشبة حتى تتناثر عظامه» انتهى.

  (٥٠ - ٥١) {قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ۝ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ}. في (مصابيح الشرفي) أظنه عن الحسين بن القاسم (#)، معناه: «لا ضير في ذلك عندنا ولا مساءة في ظلمك لنا إن أطعنا خالقنا وسيّدنا، قال الشاعر:

  أبرق وأرعد يا يزيد ... فما وعيدك لي بضائر»

  انتهى.