سورة الشعراء
  مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ ٢٠٨ ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ ٢٠٩ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ٢١٠ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ٢١١ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ٢١٢ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ٢١٣
  فقوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} المراد به: {مَا} دفع العذاب {عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} سواء كان بواسطة جعله بمعنى أجزى أم من دون ذلك، قال في (الصحاح): «وأغنيت عنك مغنى فلان، إذا أجزأت عنك مُجْزَأه ويقال: ما يُغني عنك هذا أي ما يجزي عنك وما ينفعك» انتهى.
  وتفسير المتعدي إلى مفعولين أحدهما بواسطة (عن) بالدفع أوضح من تفسير بالنفع، وإن صح اعتبار النفع أنه بالدفع وهذا فيما تتبعه كلمة (عن) فقط مثل: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَه}[الحاقة: ٢٨] {يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا}[الدخان: ٤١] {إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[يونس: ٣٦].
  (٢٠٨) {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ} أي {مُنْذِرُونَ} قامت بهم الحجة على أهل القرية.
  (١٠٩) {ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ} {ذِكْرَى} لأهل القرية تكشف عنهم الغفلة، كما قال تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ}[الأنعام: ١٣١] {وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ} بتعذيبهم قبل أن نقيم عليهم الحجة.
  (٢١٠ - ٢١٢) {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ} أي بهذا القرآن {وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ} كقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}[يس: ٦٩] فهم لا يتهيأ لهم.