التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة القصص

صفحة 413 - الجزء 5

  فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ٧٢ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٧٣ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ


  (٧٢) {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ}؟ سؤال يبين أنه لا إله غير الله يقدر على الإتيان {بِلَيْلٍ} فالآية هذه والتي قبلها بيان لقدرة الله تعالى على الإتيان بالنهار والليل، والمشركون في وقت نزول القرآن من العرب لا يجحدون ذلك، والآيتان كما تذكران بقدرة الله تعالى تذكران بعجز شركاء المشركين وأنهم مبطلون في جعلهم أنداداً لله تعالى.

  وقوله تعالى: {يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ} تنبيه على حاجة الناس إلى الليل؛ لأنهم لولا أن الليل يجمعهم لطلب الراحة من الأعمال والسكون بعد الحركة، وكانوا في نهار دائم لما انتظم لهم السكون بل كانوا يتعارضون فمنهم من يريد الحركة ومنهم من يريد السكون الذي يكون في النوم ويستعاد به القوة بعد التعب، ونحن نرى هذا التعارض في نهار شهر رمضان حيث يطلب البعض النوم والصبيان يطلبون اللعب والصياح، وكذلك من سهر الليل فحاول أن ينام النهار فيأتي من له به حاجة فيدعوه؛ وبذلك تبين حاجة الناس إلى الليل ليجمعهم على النوم والسكون، وفي البلاد الحارة عكس ذلك؛ ولعله سر قوله: {بِضِيَاءٍ} ولم يقل: بنهار، فالنهار قد يجمع الضياء وحر الشمس مما يؤدي إلى الراحة بالنهار.

  وقوله تعالى: {أَفَلا تُبْصِرُونَ} إن أريد به إبصار العيون فالمعنى أن من له بصر يميز بين الليل والنهار ويعرف الحاجة إلى كل منهما وأن كل واحد منهما نعمة ورحمة إذا نظر.