سورة القصص
  شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ٧٤ وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ٧٥ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ
  فقوله: {أَفَلا تُبْصِرُونَ} سؤال لهم إذا لم يعرفوا الفرق بين الضياء والليل في الفائدة؛ لأنها تترتب على إبصار الأعين، فكأن من لا يعرف نعمة الضياء والليل لا يبصر، فكان أهلاً لأن يقال له: ألا تبصر؟
  وإن أريد بقوله تعالى: {أَفَلا تُبْصِرُونَ}؟ إبصار البصيرة بالقلب إذا نظر العاقل وتذكر فعرف نعمة الله ورحمته فهو يبصر ببصيرته، ومن لم ينظر فلم يعرف كان أهلاً لأن يقال له: ألا تبصر بل أنت أعمى القلب، فالمعنيان صحيحان والأول أرجح - والله أعلم.
  (٧٣) {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} {وَمِنْ رَحْمَتِهِ} أي ومن رحمة الله الرحيم بعباده {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} خلفة، فجمع بين النعمتين لعباده: نعمة النهار ونعمة الليل {لِتَسْكُنُوا فِيهِ} أي في الليل {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} بالنهار بضيائه وبدفئه وبحر الشمس لتجفيف ما يطلب تجفيفه من الثمرات وغيرها وغير ذلك {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} نعمته فتعبدوه وحده ولا تشركوا به، وقد يدخل في قوله تعالى: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} شكره تعالى على نعمة الهداية إليه والدلالة عليه بآياته في الليل والنهار والتخالف بينهما على نظام محكم ومناسب لحاجة الإنسان فيهما وفي تناوبهما.
  (٧٤ - ٧٥) {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} إلى آخر الآية