التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة القصص

صفحة 416 - الجزء 5

  


  معاوناً لفرعون على قومه، كما قال تعالى: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ}⁣[يونس: ٨٣] فكان قارون من ملئهم ومعاونة قارون لعلها كانت بإبلاغ فرعون أسرار بني إسرائيل كإسلام من أسلم ووجود مولود ونحو ذلك كما تراه اليوم من بعض عملاء الظالم، وهذا يبعد ما يروى أنه خرج من البحر مع موسى بل الأقرب أنه كان مع فرعون حتى خسف الله به وبداره الأرض وإن كانت الروايات تخالف هذا؛ لأنها لا تبعد أنها جاءت من اليهود، وليس في القرآن ما يفيد صحتها.

  {وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ} أعطيناه من المال الذي كان يكنزه لكثرته، قال الشرفي: «هي الأموال المدخرة» انتهى. يعني الكنوز.

  {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} قال في (الصحاح): «والمفتاح: مفتاح الباب وكل مستغلق، والجمع: مفاتيح، ومفاتح أيضاً» انتهى. فأفاد أن مفاتح: جمع مفتاح، وقال الشرفي في (المصابيح): «جمع مفتح ما يفتح به» انتهى، والمعنى واحد فقد اتفقوا على تفسير المفاتح: بالمفاتيح.

  {لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} قال في (أساس البلاغة): «نؤت بالحمل: نهضت به، وناءَ بي الحمل: مال بي إلى السقوط» انتهى، وفي (الصحاح): «ويقال: ناء بالحمل: إذا نهض به مثقلاً، وناء به الحمل: إذا أثقله» انتهى، وقال الشرفي: «أي لتثقل العصبة وتميل بهم - ثم قال -: أي لتثقلهم من نا [ءَ] به الحمل إذا أثقله» انتهى.

  وقوله تعالى: {بِالْعُصْبَةِ} قال (صاحب الصحاح): «والعصبة من الرجال: ما بين العشرة إلى الأربعين» انتهى، وقد دلت الآية على كثرة الخزائن التي كنز فيها الأموال؛ لأن كثرة المفاتيح تابعة لكثرة ما يفتح بها ودل على كثرة المفاتيح كونها تثقل العصبة أهل القوة إذا اجتمعوا لحملها.