سورة القصص
  ٧٨ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ٧٩ وَقَالَ الَّذِينَ
  (٧٨) {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} {قَالَ} قارون جواباً على نصح قومه الذين نصحوه بشكر نعمة الله {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ} أي المال ونحوه {عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} فعندي من العلم بطرق كسب المال وجمعه ما لأجله أوتيت هذا المال والقوة؛ ولعله أراد أنه كان له الإقبال والحظ بسبب علمه، ونظير هذا ما حكاه الله تعالى في قوله: {فَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ}[الزمر: ٤٩] ولذلك رد الله على الإنسان بقوله تعالى: {.. بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ..}[الزمر: ٤٩ - ٥٠].
  فالحاصل: أنهم يظنون أنه حظهم وإقبالهم بسبب ما عندهم من العلم والخبرة والبصيرة فكفروا بأنه نعمة من الله بجعل نعمته إنما حصلت لهم بالإقبال والحظ والعلم لا أنها نعمة من الله.
  {أَوَلَمْ يَعْلَمْ} عطف على مقدر، أي أعلم ما زعم ولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً، بل قد علم ذلك فكيف لم يتذكر ذلك ويعلم أنه لو كان بالحظ والإقبال بسبب ذلك العلم لاستمر الحظ والإقبال ولما تعقبه الهلاك وسلب النعمة، لكنها من منعم يفعل ما يشاء إن شاء بسط وإن شاء أمسك.