سورة القصص
  يَعْمَلُونَ ٨٤ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٨٥ وَمَا كُنْتَ تَرْجُو
  {وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ..}[يوسف: ١٠٩] والإشارة إليها لعلها لسبق ذكرها في حكاية قول الذين أوتوا العلم: {وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ ..} الآية، وأما جعلها الإشارةَ إلى البعيد فلتعظيمها كما هو محقق في علم المعاني أو لبُعدها من حيث هي في الآخرة والإشارة في الدنيا.
  وقوله تعالى: {نَجْعَلُهَا} أي ندخلهم ونملّكهم إياها، وقوله: {لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} أي لا يختارونه ويؤثرونه، كقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ ..}[الإسراء: ١٨] وقوله تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ ..}[الإسراء: ١٩] والعلو في الأرض: التفوق على الناس بغير الحق أو إرادة العلو؛ لأنه رئاسة وارتفاع، أي لهوى النفس فيه لا لغرض صحيح بل من حيث هو علوّ في الأرض، وهذا أرجح.
  وقوله تعالى: {وَلَا فَسَادًا} أي ولا فساداً في الأرض أي لا يريدونه، فالجنة لمن سلم من الأمرين واتقى ربه بدليل قوله تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} فكأنه قيل للمتقين الذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً، فقوله: {لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} كقوله تعالى: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى}[النازعات: ٤٠] مع قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ}[النازعات: ٤٠] وفائدة ذكر إرادة العلو أو الفساد: التحذير منهما، والدلالة على أنهما يمنعان من دخول الجنة، فأما التعبير هنا عن الجنة بالدار الآخرة فلعله في مقابلة الخسف بدار قارون.
  (٨٤) {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {مَنْ جَاءَ} موقف الحساب مصحوباً