سورة العنكبوت
  كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ١٠ وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ١١ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ
  وهذا ترغيب في الثبات على الإيمان وإن قطعه الوالدان فضلاً عن غيرهم، فهو يصير في جملة الصالحين رفيقاً لهم وهم خير له من الوالدين المشركين، فلا يبالي بمن هجره في الدنيا من المشركين.
  (١٠) {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} {مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ} قولاً بلسانه بدون إيمان في قلبه؛ لأنه لو آمن قلبه لثبت على الإيمان وصبر على الأذى في الله، ولكنه قال: آمنا قولاً بلسانه {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ} من أجل أنه أظهر الإيمان بالله وإخلاص الدين لله ضعف ولم يصبر على الأذى وخوف التعذيب بل {جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ} له {كَعَذَابِ اللَّهِ} في الآخرة، ففر من فتنهم له إلى الكفر وترك الإيمان، وارتد كما يفر المؤمن من عذاب الله فيفر مما يؤدي إليه ويحذره.
  {وَلَئِنْ جَاءَ} المؤمنين الثابتين على الإيمان {نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ} يا رسول الله ينصر به دينك الذي بلغته {لَيَقُولُنَّ} أي المرتدون {إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ} أي لم نرتد عن الإسلام، بل كنا معكم وإن أظهرنا للكفار الردة {أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} فلا يفيدهم دعوى أنهم كانوا معكم يضمرون الإيمان في صدورهم ويظهرون الردة تقية؛ لأن الله تعالى أعلم بما في صدورهم وأنهم قد شرحوها بالكفر.
  (١١) {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} الراجح: أن هذا عطف على قوله تعالى: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ..} الآية بمعنى أنه