التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة العنكبوت

صفحة 444 - الجزء 5

  حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٢٤ وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ


  تقدم أولاً الرد عليهم باعتبار كذبهم من حيث قالوا: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} ثم هذا الوعيد على كفرهم بآيات الله حيث جحدوا كونها آيات من الله، وعلى كفرهم بلقاء الله الذي هو الحضور في موقف العرض والسؤال والحساب؛ لأنهم كفروا بالبعث بعد الموت.

  وقوله تعالى: {أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي} يئسوا من رحمة الله في الآخرة التي هي الجنة فهم في الدنيا يئسوا منها؛ لأنهم يئسوا من الآخرة وهم يوم القيامة ييأسون من رحمة الله {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ففاتت عليهم الجنة وعاقبتهم العذاب الأليم في الجحيم، وهذه الآيات دخلت بين قصة إبراهيم # من قول الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا ..} لأنها ناسبت قول إبراهيم من حيث هي تنذر المشركين وتحتج لصدق الإنذار، ولأن ذلك المراد من حكاية قصة إبراهيم لقوم رسول الله ÷.

  (٢٤) {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} هذا راجع إلى احتجاج إبراهيم على قومه ونصحه لهم فما أجابوه بجواب حسن، إنما أجابوه بقولهم: اقتلوه أو حرقوه ثم تموا على إحراقه {فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ} حيث كانت برداً وسلاماً على إبراهيم {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} إن في إنجاء إبراهيم من النار {لَآَيَاتٍ} لأنه دليل على الله الذي جعل النار برداً وسلاماً، ودليل على علمه وقدرته ونصره لرسله وإخسار أعدائه.