سورة العنكبوت
  الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ٢٥ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي
  وقوله تعالى: {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} أي يؤمنون إذا جاءتهم الآيات التي تدل على الحق لأنهم ينظرون فيها نظر من هو طالب للحق، ولا يعرضون عنها ولا يستكبرون من الإيمان بها فكان من شأنهم أن يؤمنوا؟
  (٢٥) {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} وقال إبراهيم، ولعل هذا بعد خروجه من نارهم لأنه أُخّر بعد ذكر إنجائه ولم يذكر مع احتجاجه وقوله: {مَوَدَّةَ} أي اتخذتم أوثاناً من أجل المودة بينكم تحاببتم على اتخاذ الأوثان فتم بينكم اتخاذها لأنكم تعاونتم على الإثم وتآخيتم على الباطل، ويحتمل: جعلتم أوثاناً سبباً للمودة بينكم تعصباً لها، فمن كان معكم أحببتموه لحبها {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} تعرفون أنكم أهلك بعضكم بعضاً، بتسبيبه للشرك، فتنقلب المودة عداوة، فيكفر بعضكم ببعض، كقوله: {كَفَرْنَا بكُمْ}[الممتحنة: ٤] {وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} عداوة وبغضاً وغيظاً، وقد حكى في (لسان العرب) تفسير الكفر بالبراءة في بعض المواضع فلا يبعد هنا، وفي قوله: {كَفَرْنَا بكُمْ} أنه بمعنى برئنا منكم، وقد قال الشرفي بعد أن فسرها بغير هذا قال: «والمعنى أنكرناكم وقطعناكم» انتهى.
  وقوله: {وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ} أي بشرككم وما اكتسبتم من أسبابها، وقوله: {وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} تحذير من توهم أن أصنامهم سينصرونهم إن بعثوا.