سورة العنكبوت
  ٢٧ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ ٢٨ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ
  وهذا في غير المعصوم فأما المعصوم فإنما بقاؤه بينهم ينافي مباينتهم ومعاداتهم؛ لأن فيه إيناساً لهم حيث يشركون وهو يرى ويسمع، ويكذبون بآيات الله وهو ساكت فإن بقي مقاوماً لهم ومعارضاً فذلك مشقة عليه بغير موجب حيث قد جازت له الهجرة، وانتهت مهمته معهم، فليس من الحكمة بقاؤه بينهم حيث لا يستطيع الإنكار أو لا ينكر إلا بقوله، وهم لا يبالون بقوله، وقد أنكره بما يكفي لإبلاغ الحجة، وإنما يعارضونه بالتكذيب والسخرية، فبقاؤه فيهم ليس من الحكمة، فمن الحكمة إيجاب الهجرة عليه صيانة له وإكراماً، انظر إلى قول الله تعالى لعيسى #: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}[آل عمران: ٥٥].
  (٢٧) {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} {وَوَهَبْنَا لَهُ} أي لإبراهيم # {إِسْحَاقَ} ابناً له {وَيَعْقُوبَ} ابن ابنه إسحاق، وهذا في حال أن قد هاجر، فحمد الله على ذلك وعلى أن وهب له إسماعيل كما في (سورة إبراهيم) ولعل ذكر إسحاق ويعقوب هنا لمناسبة دعوة رسول الله ÷ لبني إسرائيل في المدينة المنورة.
  وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ} في البطنين بعد إسماعيل وإسحاق، فكانت نعمة لأبيهم إبراهيم وفضيلة لذريته على غيرهم فبطل بذلك إنكار العنصرية الإنكار المطلق، فأما العنصرية التي لم يدل عليها القرآن ولا السنة أو الغلو في العنصرية التي أصلها ثابت فذلك غير صحيح.