التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة العنكبوت

صفحة 448 - الجزء 5

  وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ٢٩ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى


  وقوله تعالى: {وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا} لعل ذلك ما جعل له في الدنيا من الفضل مثل اتخاذه خليلاً، ولسان صدق في الآخرين جعله له، ومِثْل زيادة الهدى والنور والحياة الطيبة وجعله إماماً للناس، والله أعلم {وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} ينال من الثواب والكرامة والنعيم ما نال الصالحون وهو مفضل فيه على قدر فضله، قال الشرفي: في أرفع الدرجات في الجنة.

  (٢٨) {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} {وَلُوطًا} وأرسلنا لوطاً {إِذْ قَالَ} اذكر {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} هذا خبر مؤكد وبعده سؤال توبيخ {أَئِنَّكُمْ} تعدد إنكاره عليهم تارة بالخبر، وتارة بالسؤال الموبخ لهم، و {الْفَاحِشَةَ}: الزائدة في قبحها البالغة في القبح مبلغاً شنيعاً، يعني إتيانهم للرجال شهوة وقوله: {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ} دعوة إلى تركها كما لم يفعلها مَنْ قبلَهم؛ فتركها مع عدم القدوة فيها أهون، وليس لهم سلف يتأسون به، فهي منهم أقبح، ولأنهم سنوا سنة سيئة، وذلك زيادة في قبحها.

  (٢٩) {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} {لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ} تنكحونهم {وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ} وقطع السبيل: ظلم لمن مرّ واعتدوا عليه، ولمن ترك المرور خوفاً منهم {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ} محل اجتماعكم {الْمُنْكَرَ}.