سورة العنكبوت
  
  قال في (الصحاح): «والنديّ على فعيل مجلس القوم ومتحدثهم، وكذلك الندوة والنادي والمنتدى، فإن تفرق القوم فليس بنديّ، ومنه سميت دار الندوة بمكة التي بناها قُصَيّ لأنهم كانوا يندون فيها أي يجتمعون للمشاورة» انتهى. وقال الشرفي: «والنادي: مجتمع القوم ما داموا فيه فقط، وإلا فهو مجمع ومجلس» انتهى المراد.
  وذكر ذلك (صاحب لسان العرب) والمنكر هنا ما تنكره العقول، وكونه في ناديهم دلالة على تراضيهم به، وتوافقهم عليه، فلا ينكرون المنكر، ولا يعيبون المعيب، وفعله في حال حضورهم ومشاهدتهم دليل عدم المبالاة بالعار، وعدم الحياء، وخبث نفوسهم.
  وقال الشرفي: «يعني ما كفاكم قبح فعلكم حتى تضموا إليه قبح الإظهار» انتهى، والذي في نسخة (المصابيح): قبيح فعلكم، ولعله غلط بزيادة الياء، وإنما هو: قبح فعلكم - بضم القاف وسكون الباء.
  {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} تكذيباً لرسولهم ومبالغة في تكذيبه وإصراراً على باطلهم، ومبالغة في عنادهم، والحصر إضافي فلم يجيبوا بالموافقة والطاعة ولا بطلب حجة بل قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين، ونظيره في كون الحصر إضافياًّ قوله تعالى: {وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا}[الأنعام: ١٦٤] أي لا على غيرها، وليس المراد العموم لأن الصالحين يكسبون لأنفسهم، ومعنى قولهم: {ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} نفي صدقه والمبالغة في نفيه بطلب عذاب الله إن كان صادقاً، بمعنى أنهم لا يطلبون عذاب الله إن كان صادقاً إلا لأنهم واثقون أنه غير صادق.