التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الروم

صفحة 508 - الجزء 5

  وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ٤٣ مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ


  فإذا أعرضوا واستحقوا التأديب وكانت الحكمة في تعجيل الأدب لعلهم يرجعون عند ضعف حالهم وذهاب أسباب البطر، وتذكرهم أنهم كانوا في نعمة وأنها زالت بسبب ذنوبهم فيرجعون إلى ربهم ويتوبون إليه عجل لهم الأدب لعلهم يرجعون، فصح أن بعض المعاصي لا يعجل عقابها، وهو ظاهر قوله تعالى:

  (٤٢) {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} {قُلْ} يا رسول الله لقومك العاصين لك {سِيرُوا فِي الْأَرْضِ} لتروا آثار عقاب المجرمين {فَانْظُرُوا} عند ذلك {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ} كيف تغيرت نعمتهم أو هلكوا بإجرامهم {كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} مثل المشركين منكم، فاحذروا أن ينزل بكم مثل الذي وقع عليهم وتوبوا إلى الله.

  (٤٣) {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} اجعله قيما غير معوج وذلك بجعله منقاداً صالحاً {لِلدِّينِ الْقَيِّمِ} الذي هو عبادة الله وحده فهي الدين أي الطاعة القيم الذي لا عوج فيه لأنه الحق، قال الشرفي: «يعني: استقم للدين المستقيم بصاحبه إلى الجنة» انتهى.

  {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} أي من قبل أن يأتي يوم عظيم شديد على العصاة لا مرد له لا مرجع له عن نفوذ أمره على أعداء الله لأنه من الله الغالب على أمره القاهر فوق عباده فلا مرد لذلك اليوم حال كونه من الله {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} ينقسمون أي الناس يصيرون قسمين بحكم الله فيهم وقضائه عليهم أو لهم.