التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الروم

صفحة 509 - الجزء 5

  يَمْهَدُونَ ٤٤ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ٤٥ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٤٦


  قال الراغب: «الصدع: الشق في الأجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما، ثم قال: وعنه استعير صدع الأمر: أي فصله، قال: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}⁣[الحجر: ٩٤] ثم قال: «وتصدع القوم: أي تفرقوا» انتهى. ونحوه في (الصحاح) وقال فيها: «والتصديع: التفريق» انتهى.

  (٤٤) {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} {مَنْ كَفَرَ} في الدنيا {فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} في الآخرة {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا} في الدنيا {فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} في الآخرة، فهذا تصدعهم في الآخرة، قال الراغب: «المهد: ما تهيئ للصبي - يعني فراشه أو ما فيه فراشه - والمهد والمهاد المكان الممهد الموطأ» انتهى، فقوله تعالى: {يَمْهَدُونَ} أي يصلحون مكانهم في الآخرة إصلاحا بليغاً كما يمهد للصبي مكانه.

  (٤٥) {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} {لِيَجْزِيَ} أي يمهدون ليجزيهم الله تعالى من فضله أي من عطائه جزاء على الإيمان والعمل الصالح قال الراغب: «وكل عطية لا تلزم من يعطي يقال لها: فضل» انتهى. {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} فلا يجعلهم مثل المؤمنين الذين يحبهم بل يفصل بينهم {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}⁣[الشورى: ٧].

  (٤٦) {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ومن آيات الله الدالة على أنه هو رب الناس المنعم عليهم المستحق لأن يعبدوه وحده: