التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الروم

صفحة 510 - الجزء 5

  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ٤٧ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ


  {أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} بالمطر {وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} بإثارتها للسحاب وإنزال المطر منه {وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ} السفائن في البحر {بِأَمْرِهِ} للرياح أن تسيرها على الماء وذلك بجعلها ريحا غير عاصفة فلو سكنت تعطل السفر، ووقفت السفن على الماء، كما قال تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ}⁣[الشورى: ٣٣] ولو عصفت لاطلعت الماء على السفائن فدخل فيها فنزلت في البحر مغرقة لأهلها {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} سخر الرياح لتبتغوا بالسفر في البحر من فضله من فضل الله رزقاً أو علماً وذلك بتسخير الرياح {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} نعم الله عليكم فتعبدوه وحده وتجتنبوا الشرك.

  (٤٧) {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} {مِنْ قَبْلِكَ} يا محمد {رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ} فكذبهم بعض قومهم وآمن بعض {فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} ذلك الإجرام المذكور في (سورة غافر) ونصرنا المؤمنين برسل الله وأنبيائهم.

  {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} فثقوا بنصر الله لكم أنت يا رسول الله ومن معك، وهو نصر القضية التي قمتم بها والدين الذي دعوتم إليه، ونصر حزب الله وجنده فلا يمتنع أن يقتل بعضهم شهداء وينتصر جند الله جملة بحيث صارت كلمة الله هي العلياء وصار المؤمنون أقوياء غالبين آمنين هذا نصرهم في الدنيا فأما في الآخرة فينصرهم الله بالحكم لهم على أعدائهم وبمعاقبة أعدائهم وإثابة المؤمنين.