التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الروم

صفحة 515 - الجزء 5

  مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ ٥١ فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ٥٢ وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ ٥٣


  وقوله تعالى: {كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ} تفسير راجع إلى قوله تعالى: {فَانْظُرْ} كأنه قيل: فانظر كيف يحيى الله الأرض بعد موتها فكما أن أهلها قد أيسوا من المطر كذلك يحييهم بعد أن أيسوا من الحياة بعد الموت، لأن يأسهم من الحياة بعد الموت استبعاد لما ليس بعيداً في قدرة الله تعالى مثل استبعاد نزول المطر بعد الجدب، وهو غير بعيد في قدرة الله تعالى وفضله فتبين أن الاستبعاد لا حكم له في نفي الواقع {إِنَّ ذَلِكَ} الذي أحيى الأرض بعد موتها {لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فلا يصح استبعاد الحياة بعد الموت لأن الله على كل شيء قدير، وقد وعد به وهو أصدق القائلين.

  (٥١) {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ} {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا} تذهب خضرة الزرع والمرعى وتميل به إلى اليبس {لَظَلُّوا} أي هؤلاء الذين قنطوا ثم استبشروا {لَظَلُّوا} من بعد أثر رحمة الله {يَكْفُرُونَ} يقنطون وقد جربوا فضل الله وإنزاله المطر وإنعامه عليهم لكنهم يسرعون إلى القنوط بغير نظر ولذلك حين اصفر الزرع والمرعى بادروا إلى القنوط واليأس من فضل الله الذي هو عادة الكفار {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}⁣[يوسف: ٨٧].

  (٥٢) {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} {فَإِنَّكَ} يا رسول الله في محاولتك لهداية هؤلاء الكفار {لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}