سورة الروم
  اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ٥٤ وَيَوْمَ تَقُومُ
  فهم كالموتى في بعدهم عن سماع ما تقول؛ لأنهم كارهون له معرضون عنه وقد خذلوا فلم يبق في قلوبهم حياة ليستعدوا لقبول الحق {وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ} وهم كالصم إذا ولوا مدبرين والأصم المدبر أبعد عن سماع الدعاء من الأصم المقبل وهذا تشبيه عجيب لأن الكفار مولون عن سماع ما يقول لهم الرسول مدبرون عنه بقلوبهم فشبههم بالصم المدبرين.
  (٥٣) {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} كما شبههم بالصم شبههم بـ {الْعُمْيِ} الذين قد ضلوا الطريق وهؤلاء الكفار ضلوا عن الحق بكفرهم وصاروا كالعمي لخذلانهم وضيق قلوبهم عن قبول الحق حتى ذهب استعدادهم لإبصار الحق وللنظر في الآيات نظر من يريد الحق.
  {إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا} أي لا تسمع إلا من يؤمن بآياتنا يؤمن بأنها من الله وبمعناها الذي تدل عليه من أن القرآن كلام الله ومحمداً رسول الله والبعث حق والجنة والنار حق {فَهُمْ مُسْلِمُونَ} تاركون للشرك مخلصون عبادتهم لله مسلمون وجوههم وأنفسهم لله ربهم فهؤلاء الذين تسمعهم لا الكفار المجادلون في آيات الله المكذبون والحصر بالإضافة إليهم.
  (٥٤) {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} ليس في الآية الكريمة أنه تعالى خلق الضَّعف بل خلقنا من الضعف؛ لأنا في حال الطفولة ضعفاء، وقبلها حين كنا في بطون أمهاتنا عظاماً، وقبلها حين كنا مضغة،