التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة لقمان

صفحة 9 - الجزء 6

  


  وكذلك على قراءة {ليَضل} بفتح (الياء) فليس يليق بالعاقل أن يتخذ اللهو وسيلة للضلال عن سبيل الله اعتماداً على جهله بأنها سبيل الله، وجهله بعاقبة ذلك وعلى قراءة الفتح في يتخذها يكون المعنى أنه يتخذ اللهو وسيلة {ليَضل} هو وليتخذ سبيل الله هزؤا وكون اللهو يستعمل وسيلة واضح لأن نفوس أهل الضلال تهوى اللهو وتكره الدين، فعند مناظرتهم بينهما يسخرون من الدين لأنه لا تهواه أنفسهم بل تنفر عنه، والغناء الذي يطربهم ويحدث لهم الفرح، فكان ذلك سبب سخريتهم من الدين لجهلهم بفائدة الدين وعاقبة الغناء.

  أما على قراءة رفع {يتخذ} فهو معطوف على يشتري وهي لا تجعل اتخاذ سبيل الله هزءا متفرعاً على اشتراء {لَهْوَ الْحَدِيثِ} بل تجعله قريناً له قد يكون بسبب المناظرة المذكورة، وقد يكون لأي سبب آخر، فاتخاذها هزءا شأن أهل الفسق لأي سبب {أُولَئِكَ} أهل الصفتين على قراءة الرفع، وأهل اشتراء الحديث وما ترتب عليه على قراءة النصب {لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} يهينهم وذلك مناسب لسخريتهم من سبيل الله.

  (٧) {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ} أي على {مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} فالوعيد في قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} على اشتراء {لَهْوَ الْحَدِيثِ} لما ترتب عليه وعلى اتخاذ سبيل الله هزءا على قراءة الرفع والوعيد في هذه الآية بشكل وعيد الغاضب هو وعيد على التولي عن آيات الله حين تتلى عليه، والاستكبار عنها أو عن تلاوتها عليه.

  فقوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ} يتناول تلاوتها عليه احتجاجاً عليه بها ويتناول تلاوتها عليه موعظة، وتخويفاً أو لغير ذلك من وجوه النصح