التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة لقمان

صفحة 10 - الجزء 6

  وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ ٨ خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٩ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ


  {وَلَّى مُسْتَكْبِرًا} لكراهته لسماع آيات الله ولاستكباره، وقوله: {مُسْتَكْبِرًا} يتناول المستكبر عن آيات الله، فهو يرى نفسه فوق أن يتبعها أو يؤمن بها، ويتناول المستكبر عن تلاوتها عليه لأنه يرى نفسه فوق أن تتلى عليه احتجاجاً عليه أو تذكيراً له أو تخويفاً أو ترغيباً في الطاعة لله أو نحو ذلك، كل ذلك وأي ذلك وقع يأنف منه ويستكبر.

  وقوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا} بيان لفرط إعراض هذا المستكبر وعدم مبالاته بآيات الله.

  ومثل ذلك: قوله تعالى: {كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا} أي ثقلاً أو صمماً وفيه زيادة فائدة أن سبب عدم سماعه الممثل به علته كونه كالأصم الذي لا يسمع أي كلام ولكن ذلك بالنسبة لتلاوة آيات الله عليه لا ضعف صوت التالي ولا مجرد إدباره عن التالي بل بغضه لسماعها حتى كأنه أصم {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} كما قال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}⁣[النساء: ١٣٨] لأن فيه الوعيد وأضاف إليه التهكم بالمنذرين فدل ذلك على زيادة الغضب عليهم لأن الوعيد وحده يدل على الغضب، فإذا انضاف إليه التهكم دل على أن الغضب أشد أي أن عذابهم أشد.

  (٨ - ٩) {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ ۝ خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} لأنهم آمنوا بآيات الله فآمنوا بما دلت عليه من وعد الله ووعيده وغير ذلك مما يجب الإيمان به، فهم ضد المذكورين في قوله تعالى: