التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة لقمان

صفحة 11 - الجزء 6

  رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ١٠ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ١١ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ


  {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا} فقوله تعالى: {لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ} وعد الله لهم بالثواب ودل على بقاء الثواب لهم أبداً بقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا} لتعظيم الرغبة في الإيمان والعمل الصالح لأن ثوابهما سعادة أبدية.

  وأكد تعالى وعده بقوله تعالى: {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا} فهو لا يتخلف لأن الله لا يخلف الميعاد لأنه عالم بما وعد به وأنه سيكون لأنه غني عن الكذب والتغرير سبحانه وتعالى مع أنه قادر عليه {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ومن عزته إكرام أوليائه، ولذلك قال تعالى: {أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}⁣[التوبة: ٧١] وكذلك هو من حكمته.

  (١٠ - ١١) {خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ۝ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} هاتان الآيتان تردان على المشركين، وتدلان على بطلان الشرك من حيث دلتا على قدرة الله تعالى على كل شيء وعلمه بكل شيء وأنه خالق الناس وكل دابة فهو رب كل شيء لا شريك له في عباده.

  ولذلك فالشرك باطل واضح البطلان لأن شركاء المشركين لم يخلقوا شيئاً باعترافهم فلا يملكون شيئاً لا من السموات والأرض والجبال ولا من الناس والدواب، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ}⁣[فاطر: ١٣].