سورة لقمان
  
  وكذلك الله الخالق الرازق المستحق على عباده أن يعبدوه ويشكروا أنعمه، بخلاف شركاء المشركين باعترافهم أن الله هو الذي ينزل الماء وينبت في الأرض {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} وأن شركاءهم لا يرزقونهم فما بقي لهم عذر في عبادتهم وهذا في المشركين من العرب أهل الأصنام بل الظالمون في ضلال مبين لأن ظلمهم يعدل بهم عن سواء السبيل لأنهم لا يخافون الله بل يتجرؤون على الضلال لأنهم لا يتمسكون بالعدل ولا يتقيدون بطلب الحق كما هو شأن كل ظالم.
  وقوله تعالى: {بِغَيْرِ عَمَدٍ} أي ليس لها أعمدة تمسكها حتى لا تقع على الأرض لأن الله يمسكها بقدرته حيث خلقها مستقلة بقدرته وقوله تعالى: {تَرَوْنَهَا} يبين أنه تعالى خلقها مستقلة ليس لها أعمدة فلو كان لها أعمدة لرأوها كما يرون السواري وأعمدة الخيام ولو فرض أن قوله تعالى: {تَرَوْنَهَا} قيد وأنه تعالى خلقها بأعمدة ليست من جنس الأعمدة التي ترى لكان ذلك دليلا على القدرة الخارقة لما يعرفه المخلوقون من قدرتهم مع دلالتها على أن أصنامهم العاجزة لا ينبغي لعاقل أن يجعلها أنداداً لله سبحانه وتعالى.
  وقوله تعالى: {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} تشير إلى دلائل منها أن النباتات أزواج أي أصناف وأنواع كل صنف زوجان أو أكثر مثل أزواج الحبوب، وأزواج العنب، وأزواج التمر، وأزواج الرمان، وأزواج الخوخ ... إلى غير ذلك، وذلك دليل على أن الذي أوجدها جعلها أزواجاً بقدرته وعلمه، وذلك من إنعامه على عباده:
  ومنها: أن كل زوج منها كريم باعتبار نفعه للعباد ولذته، فالغذاء من الحبوب والفواكه مثلاً يكون فيه حاجة الإنسان للتغذية، ومع ذلك لذته بحيث يأكله بلذة ورغبة وذلك من كرم معطيه وهي مع ذلك ذات صور جميلة وأكثرها ذات رائحة مرغوبة.