التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة لقمان

صفحة 15 - الجزء 6

  جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ١٥ يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ


  (١٤) {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} أمرناه فيهما بما فسره تعالى بقوله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} فالشكر لله واجب قبل واجبهما لأنه الذي خلقهما وأنعم على العبد بهما وبعطفهما عليه وبما أعطياه ولذلك لا تجوز طاعتهما في معصية الله لأن حق الله على العبد أعظم.

  وقوله تعالى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} تذكير بنعمتها على الولد وبعظم نعمتها حيث ربته في بطنها وأشركته في غذائها وفي بعض قوّتها حين كان ينمو في بطنها مستمداً منها بعض أعضائه ونموّه، فكلما عظم في بطنها زادها ضعفاً على ضعف لأنه ينقص من مادة عظامها فقد حملته حملاً وهنا لها على وهن {وَفِصَالُهُ} أي فطامه {فِي عَامَيْنِ} ترضعه فيهما، قال الشرفي: «أي هذه المدة غاية الرضاع» وهو مشكل لأن هذه الآية الكريمة تفيد أنهما آخر الفطام، فالأولى أنها حكاية للواقع من الأم حين كانت تفصله في عامين.

  أما قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ..}⁣[البقرة: ٢٣٣] فهي بيان لحكم الله وشرعه ومقتضاها أن يكون الفصال عقيب الحولين لا فيهما، وقوله تعالى: {إِلَيَّ الْمَصِيرُ} حث على طاعة الله فيما وصى به، لأنه يحاسب العبد حين يصير إليه ويجزيه بشكره إن شكر أو كفره إن كفر.

  (١٥) {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} {وَإِنْ جَاهَدَاكَ} أي وإن شدد الوالدان