التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة لقمان

صفحة 17 - الجزء 6

  مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ١٧ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ١٨ وَاقْصِدْ فِي


  «الضمير للهنة من الإساءة أو الإحسان» انتهى، فهي ضمير مبهم يفسره ما بعده مثل {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}⁣[البقرة: ٢٩] قال في (الكشاف): «ومن قرأ بالرفع - أي رفع مثقال - فالضمير للقصة» انتهى، وضمير القصة في معنى ضمير الشأن إلا أن ضمير القصة مؤنث وضمير الشأن مذكر.

  وقوله {فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ} أي الحسنة أو السيئة المفهومة من السياق وقال تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}⁣[الأنبياء: ٤٧] فإن كانت {فِي صَخْرَةٍ} حجر عظيم تعبير عن خفائها بكونها {فِي صَخْرَةٍ} لا سبيل للعلم بها إلا لله علام الغيوب {أَوْ فِي السَّمَوَاتِ} فإذا كانت على حقارتها في السموات أي ظرفها السموات، فإذا قيل: أين هي؟

  قيل: في السموات فهي خفية لاتساع السموات وكذا قوله: {أَوْ فِي الْأَرْضِ} ظرفها الأرض ذات الطول والعرض {يَأْتِ بِهَا اللَّهُ} يوم القيامة إذا أحضرت الأعمال علمت كل نفس ما أحضرت {يوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً}⁣[آل عمران: ٣٠] فالإتيان بها إحضارها للحساب أي إظهارها في الكتاب {إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} لطيف لما يشاء لا يصعب عليه شيء وإن صغر أو خفي خبير عالم بباطن كل شيء وخُبره.

  (١٧) {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} هذا التعليم الثالث من لقمان لابنه أمره بإقامة الصلاة أي إتمامها بأركانها وشروطها في دينه وعلّمه وأمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهما من النصح لله والحب له والرحمة بعباده وأمره بالصبر على ما أصابه عموماً سواء كان بسبب الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، أو بأي سبب.