سورة لقمان
  
  فمن الصبر: الثبات على الدين، وإن أوذي في الله، ومن الصبر: الصبر على الخروج من البلد لحفظ الدين، ومن الصبر: الرضى بالبلوى من الله، كما قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}[البقرة: ١٥٥ - ١٥٦] وقد مر تفسيرها.
  ومن الصبر أن لا يترك ما شرع فيه من أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر لدفع أذية المأمور أو المنهي أو غيرهما فأما تركهما لخوف الأذية فهو ترك للصبر من حيث أنه ترك لسبب سببه {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} أي من معزومها، فإن كان المراد مما عزمه الله على عباده فالمعنى من واجب الأمور، وإن كان المراد من فوائد العزم وقوة الإرادة كما هو شأن أولى العزم فالمعنى من ثمرات عزم الأمور (من) في التفسير الأول للتبعيض، وفي الثاني للابتداء، وعزم الأمور في التفسير الثاني العزم فيها.
  وفي قوله: {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} إما إفادة أنه واجب أي إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على المصيبات فيفعل لوجوبه وإما إفادة أنه مستطاع وإن ثقل على العبد إنما يحتاج فيه إلى قوة الإرادة وثبات العزم فعلى العبد أن يوطن نفسه على العزم.
  (١٨) {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} قال في (الصحاح): «الصَّعَر: الميل في الخد خاصة، وقد صعَّر خده وصاعره أي أماله من الكِبر» انتهى المراد. والخد: شق الوجه الأيمن، وشقة الأيسر، كل واحد خد، وفي (تفسير الإمام زيد) «معناه: تعرض عنهم تكبراً».
  وقوله تعالى: {لِلنَّاسِ} يتناول الكبير والصغير والقوي والضعيف، واللام بمعنى أن شق الوجه إذا صعره يكون موليا لمن يكلمه وموجه إليه ومثل المكلم من هو بمنزلته.