التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة لقمان

صفحة 19 - الجزء 6

  


  وقوله: {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} قال في (الصحاح): «المرح: شدة الفَرَح والنشاط - ثم قال - وفرس ممراح ومَرُوح: أي نشيط - ثم قال - وقال الأصمعي في قول أبي ذؤيب:

  مصفَّقَةٌ مصفَّاة عقار ... شئامية إذا جُليت مَرُوح

  أي لها مراح في الرأس وسَورة يمرَح من يشربها» انتهى.

  وهذا البيت يُذَكِّر بقول الصاحب بن عبّاد في أرجوزته:

  يَمرَح من تُروى له ... من غير سكر وثَمل

  وهو يفيد: أن السكران يمرح، أي يفرح فرحاً شديداً وينشط في سكره وظاهر (الصحاح): أنهما معنيان شدة الفرح والنشاط، ولم يذكر الراغب إلا شدة الفرح والتوسع فيه.

  أما في (لسان العرب) فقال: «المرح: شدة الفرح والنشاط حتى يجاوز قدره - ثم قال -: وقيل: المرح التبختر والاختيال وفي التنزيل: {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} أي متبختراً مختالاً» انتهى المراد.

  وهذا تفسير المشي مرحاً سواء كان المرح شدة الفرح أو إفراط النشاط لأنه يبعث على المشي مرحاً، سواء كان مرحاً بمعنى الحال أي ذا مرح ومرِحاً - بكسر الراء - أو كان بمعنى لأجل المرَح، لأنه إذا كان الباعث على المشي شدة الفرح، أو إفراط النشاط كان الماشي متبختراً، وهي مشية المتكبر المعجب بنفسه.

  وقد يجاب عن هذا بأن مرَحا مصدر، فالظاهر أنه مفعول مطلق وذلك دليل لمن فسر المرح بالتبختر لأنه من صفة المشي ولكن لا يدل على تفسيره بمجموع التبختر والاختيال، وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): «يعنى بَطَراً وكبرا» انتهى.