التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة لقمان

صفحة 20 - الجزء 6

  مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ١٩ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ


  قال في (الصحاح): «البطر: الأشر وهو شدة الْمَرَح وقد بطر بالكسر يبطر وأبطره المال» انتهى، وحكى الشرفي: «عن الهادي # أنه قال: فهو: لا تمش في الأرض أشراً وبطراً ساهياً لا هياً» انتهى.

  فظهر: أن تفسير الإمام زيد # مقارب لتفسير غيره للمرح إلا من فسره بالتبختر ووافقهم في ذكرهم الاختيال بقوله # وكبراً ومثله تفسير الشرفي، فإنه قال: «{وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا} أي مختالاً» انتهى.

  ولا بد أن المرح من صفة المشي لأنه لو كان مجرد الكبر لما بقي لذكر المشي في الأرض فائدة، والتفسير بشدة الفرح له علاقة بالمشي من حيث أنه يستدعي التبختر فيكون مشيه معيباً وشدة الفرح قد اتفق عليه أكثر التفاسير ومنها التفسير بالبطر ولا بد من تفسير المرح بما يجعل المشي معيباً فهو المعبر عن الكبر والإعجاب بالنفس.

  فأما قوله: {فِي الأَرْضِ} فلعله إشارة إلى صغره بالنظر إلى نسبته من ظهر الأرض وذلك يقلل مرحه كما قال تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ ..}⁣[الإسراء: ٣٧].

  وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} أي كل متكبر كثير الفخر بأي سبب يفتخر به، والمختال مناسب لقوله: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ} ولقوله: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا} أما الفخر الكثير فهو من شأن صاحب الكبر والإعجاب بنفسه فهو أيضا مناسب لهما.

  (١٩) {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} وما بعده هو من توصية لقمان #