سورة لقمان
  نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا
  والقصد في المشي: التوسط بين الإسراع والتثاقل، {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} بترك رفعه رفعاً شديداً.
  ولذلك قال: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} وإنكاره بسبب شدته على سمع الحاضر لديه، وهذا في غالب الأحوال، حيث لا حاجة لشدة رفع الصوت، فأما مع الحاجة فيحسن، مثل نداء العباس (يوم حنين): ياأصحاب الشجرة، للذين بايعوا رسول الله ÷ في الحديبية تحت الشجرة وكانوا في حنين قد فروا فلما سمعوا النداء رجعوا وقاتلوا، وكذلك الأذان للصلاة حيث لا يوجد مكبر الصوت والأصل رفع الصوت بالأذان وكذلك في الخطبة لقوة الإنذار والتخويف عند الحاجة.
  وقوله: {مِنْ} للتبعيض ومثل ما قلت في رفع الصوت يصح في سرعة المشي للحاجة في طلب أو هرب وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ}: «معناه: تواضع فيه» انتهى، فالإسراع عند الحاجة لا ينافي التواضع.
  وقوله: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} أراد أن لا يرفع صوته كما ترفع الحمير وصور له شناعة الرفع الشديد لغير الحاجة، فأما الحمار فهو يحتاجه لأنه إذا ضاع على صاحبه في مرتع دله عليه صوته، وكذا إذا أخافه سبع نهق فنبه صاحبه ليدفع عنه، وكذا ينبهه ليعلفه أو يسقيه، وقد يكون في مكان مغلق ليس فيه منفذ فلولا قوّة صوته لما سمعه صاحبه، وغير ذلك من فوائده وقد أعطاه أحكم الحاكمين فلا يذم عليه ولأنه لا يعقل بحيث لا ينهق إلا في الحالات التي يحتاج فيها إلى الصوت الرفيع.