التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة لقمان

صفحة 23 - الجزء 6

  ٢١ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ٢٢ وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا


  وقوله تعالى: {ظَاهِرَةً} كالمشاهدات من الماء والطعام والثياب والبيوت {وَبَاطِنَةً} خفية تدل عليها منافعها كالحواس والقوى الباطنة وكدفع المصائب مثل الرعب في قلوب الأعداء والنعم لها أصول وفروع ولا يطاق حصرها وهي تدل على المنعم وعلى قدرته وعلمه وكرمه، وغير ذلك من صفاته تعالى.

  {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ} كالملاحدة الجاحدين للخالق، وكالجاحدين لقدرة الله تعالى على البعث {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}⁣[يس: ٧٨] فهذا من جداله في الله {بِغَيْرِ عِلْمٍ} يستفيده بالنظر في آيات الله {وَلَا هُدًى} من وحي الله وإلهامه {وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} من كتب الله المنزلة على النبئين التي فيها النور لبصائرهم، فهو يجادل في الله بغير دليل لا عقلي ولا سمعي، مع أن دلائل الله نعمه على عباده وفي أنفسهم دلائل كافية لمن ينظر ويفكر والدلائل على الله لا تحصى ولكنهم يعرضون عنها.

  (٢١) {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} فهو الدليل الثابت بالعقل وفيه الهدى والنور للبصائر {قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} {بَلْ نَتَّبِعُ} إضراب عما دُعُوا إليه إلى التعصب للآباء {أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} أيتبعون ما وجدوا عليه آباءهم ولو كان ذلك طاعة للشيطان يدعوهم بتزيين الشرك وغيره من أسباب النار ليورطهم في عذاب السعير، هذا سؤال لهم وإجابتهم نعم فعاقبتهم عذاب السعير وذلك هو الخسران المبين إن لم يتوبوا في دار الخيار.